في عالم الأعمال المتغير والمتسارع، تسعى المؤسسات بشكل دائم إلى تحسين أدائها والقدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة. من بين أبرز الأساليب التي أثبتت جدواها في هذا المجال هي منهجية الإدارة الرشيقة (Agile)، التي تتيح للشركات تحسين عملياتها، وتسريع الإنجاز، وتعزيز الابتكار. إلا أن هناك فرقًا واضحًا بين تطبيق أدوات الرشاقة وتبني ثقافتها، إذ يعتبر تبني ثقافة الرشاقة أحد أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات اليوم.
ما هي الإدارة الرشيقة (Agile)؟
الإدارة الرشيقة هي إطار عمل إداري يعتمد على تقسيم العمل إلى دورات قصيرة تكرارية تُعرف باسم “سبرنت” (Sprints)، يتم خلالها تنفيذ جزء محدد من المشروع. الهدف من ذلك هو تقديم تحسينات مستمرة والتكيف السريع مع التغيرات. ظهرت هذه المنهجية في قطاع تطوير البرمجيات ولكنها الآن تُطبق في مجموعة متنوعة من المجالات نظرًا لقدرتها على تعزيز سرعة التنفيذ وجودة النتائج.
ماذا تشمل الإدارة الرشيقة من ممارسات أساسية؟
الإدارة الرشيقة تعتمد على عدة ممارسات أساسية تساعد الفرق على التحسين المستمر والتكيف مع التغيرات، من أبرز هذه الممارسات:
- تخطيط السبرنت:
يتم تقسيم المهام إلى دورات قصيرة تُسمى “سبرنت”، وعادة ما تستمر من أسبوعين إلى أربعة أسابيع. الهدف من كل سبرنت هو تحقيق أهداف محددة بوضوح، مما يسهم في إنجاز العمل بشكل أسرع وأكثر فعالية. - الاجتماعات اليومية:
تُعقد اجتماعات قصيرة يومية تُعرف بـ”الاجتماعات الوقوفية”، حيث يناقش كل عضو في الفريق ما قام به بالأمس، وما ينوي القيام به اليوم، وما العوائق التي قد تواجهه. هذه الاجتماعات تضمن تحديث الفريق بشكل يومي. - التحسين المستمر والتغذية الراجعة:
بعد كل سبرنت، يتم تقييم العمل المُنجز ومراجعة ما تم تحقيقه من أهداف. هذه التغذية الراجعة المستمرة تساعد الفرق على التحسين المستمر وتجنب تكرار الأخطاء. - إدارة الأولويات:
بفضل الإدارة الرشيقة، يتمكن الفريق من إعادة ترتيب الأولويات في أي وقت بناءً على احتياجات العميل أو التغيرات في المشروع، مما يعزز المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات. - العمل التعاوني:
تُشجع الإدارة الرشيقة الفرق على العمل بشكل تعاوني بين مختلف الأقسام، حيث يجتمع أعضاء الفريق من تخصصات متعددة لتحقيق أهداف مشتركة.
أمثلة على تطبيق الإدارة الرشيقة (Agile)
لإيضاح مفهوم الإدارة الرشيقة بشكل أفضل، فيما يلي بعض الأمثلة العملية من مختلف المجالات:
- تطوير البرمجيات
في شركات البرمجيات، تقوم الفرق بتقسيم عملية تطوير البرامج إلى دورات قصيرة (سبرنت)، حيث يركز كل سبرنت على تطوير ميزة معينة أو إصلاح خطأ محدد. بعد كل سبرنت، يتم اختبار البرنامج وتقديم التغذية الراجعة، ومن ثم تحسينه في السبرنت التالي. هذا يساعد الشركات على إصدار تحديثات منتظمة وسريعة لتحسين المنتج. - التسويق الرقمي
في حملات التسويق الرقمي، يمكن تطبيق Agile من خلال تقسيم الحملة إلى مراحل قصيرة. على سبيل المثال، يمكن للفريق تنفيذ حملة إعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي وتجربة استراتيجيات مختلفة، ثم تحليل النتائج وتحسين الحملة بناءً على هذه البيانات في مراحل لاحقة. هذا يتيح للشركات القدرة على تعديل استراتيجياتها بسرعة وزيادة العائد على الاستثمار. - إدارة المشاريع الهندسية
في بعض المشاريع الهندسية، يتم تطبيق منهجية Agile في تصميم وبناء مشاريع معقدة، مثل بناء جسر أو تطوير بنية تحتية. يتم تقسيم المشروع إلى مراحل صغيرة مثل التصميم الأولي، البناء، التقييم، والتحسين، ويتم مراجعة كل مرحلة باستمرار لضمان الجودة والتكيف مع المتغيرات الطارئة. - الخدمات الحكومية
بعض المؤسسات الحكومية تعتمد Agile لتقديم الخدمات الرقمية. على سبيل المثال، يمكن تطوير منصة حكومية رقمية بشكل تدريجي عبر سبرنتات، حيث تُبنى كل وظيفة على حدة (مثل تسجيل المواطنين، دفع الفواتير)، وتُختبر على المستخدمين لتحديد التحسينات اللازمة.
أهمية الثقافة في نجاح التحول الرشيق
تُعتبرُ مبادئ الرشاقة الأهم هي الموظفون وذهنياتهم، أي بعبارة أخرى، الثقافة التنظيمية. فالثقافة هي التي تُنجح أو تُفشل عملية التحول الرشيق. تقول الدراسات أن المؤسسات التي تفشل في استكمال عملية التحول الرشيق تُرجع السبب غالبًا إلى الثقافة كأكبر عائق. الفرق التي تعمل بمنهجية الرشاقة ليست فقط تلك التي تُطبق الأدوات مثل تخطيط السبرنت والاجتماعات اليومية، بل هي التي تبني ثقافة تشجع التجريب والتعلم.
إحدى العلامات البارزة للمؤسسة الرشيقة هي وجود بيئة آمنة للتجريب والتعلم، بحيث لا تُفرض عقوبات تلقائية على الأخطاء. وتُعتبر الروح المجتمعية والدافع الريادي، مثل الشجاعة والمبادرة، عناصر أساسية في هذه البيئة.
تحديات التحول نحو ثقافة الرشاقة
تطبيق الأدوات الرشيقة مثل تخطيط السبرنت واللقاءات اليومية سهل نسبياً، لكن الانتقال إلى تبني الثقافة الرشيقة يتطلب تغييرات أعمق في طريقة تفكير الفريق. يجب أن تصبح الرشاقة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المؤسسية. غالبًا ما تجد المؤسسات التقليدية التي تعتمد على التسلسل الهرمي الصارم صعوبة في التحول إلى الرشاقة، لأن التغيير
المطلوب ليس فقط في الأدوات، بل في كيفية اتخاذ القرارات وطريقة التفكير الجماعي.

رؤية المهندس بلال الصالح في التحول الرشيق
المهندس بلال الصالح، مدير قطاع المشاريع في مجموعة عتاق، قدّم استشارات متعددة حول كيفية نقل الفرق من مجرد تطبيق ممارسات الرشاقة إلى تبني الذهنية الرشيقة بشكل كامل. يشاركنا المهندس بلال خلاصة جلسات استشارية مع أحد العملاء في مدينة الرياض ( شركة تطبيقات برمجية )، وأن التحول نحو تبني الرشاقة لا يتعلق فقط بتنفيذ الخطوات، بل هو تغيير في العمق الثقافي للمؤسسة:
- تغيير منظور الإدارة: أكد م. بلال على ضرورة أن تتحول الإدارة من دور المراقب إلى دور الداعم، مما يعزز بيئة مرنة تُشجع الفرق على اتخاذ المبادرة والابتكار.
- تمكين الفريق لاتخاذ القرارات: من خلال تمكين الفرق من اتخاذ قراراتهم الخاصة، يتم تعزيز الشعور بالمسؤولية والقدرة على التكيف السريع مع التغيرات، وهو جوهر الرشاقة.
- دورات التحسين المستمر: ركز م.بلال على أن النجاح في التحول الرشيق يعتمد على تطبيق دورات التغذية الراجعة المستمرة، التي تسمح بتحسين الأداء باستمرار.
- دعم الابتكار والتكيف مع التغيرات: يتطلب تبني الرشاقة دعم ثقافة الابتكار داخل الفرق، حيث يتم تعزيز القدرة على التجريب والتعلم من الأخطاء دون خوف من الفشل.
تبني ثقافة الرشاقة: مفتاح النجاح
يُعتبر تبني ثقافة الرشاقة أمرًا حاسمًا في نجاح التحول الرشيق داخل المؤسسات. وفقًا لدراسات أجراها مختصين في ماكينزي، هنا ديب، أماديو دي لودوفيكو، جويديب سنغوبتا، عبد القادر لمع، وديباك ماهاديفان، فإن الفِرَق التي تدمج الرشاقة في ثقافتها تكون قادرة على تحسين أدائها باستمرار، وبالتالي تحقيق نجاح مستدام. لذلك، يصبح من الضروري أن تعمل المؤسسات على تبني هذه الذهنية وليس فقط تطبيق الأدوات.
كيف يمكنك غرس ثقافة الرشاقة في فريقك؟
تطبيق الرشاقة يتطلب بيئة داعمة يتم فيها تشجيع الفرق على اتخاذ القرارات بشكل مستقل وتجربة الأفكار الجديدة. لتبني ثقافة الرشاقة بنجاح، عليك:
- خلق بيئة آمنة للتجريب: تشجيع الفرق على تجربة الأفكار الجديدة والتعلم من الأخطاء دون الخوف من الفشل.
- التعاون عبر الأقسام الوظيفية: يجب أن تعمل الفرق بشكل تكاملي لتحقيق الأهداف المشتركة.
- التغذية الراجعة المستمرة: تنظيم دورات مراجعة دورية لتحسين الأداء وتعزيز ثقافة التعلم المستمر.
شركة Triple A للاستشارات: شريكك في تعزيز ثقافة الإدارة الرشيقة (Agile)
في إطار تقديم الدعم للشركات التي تسعى إلى تبني التحسين المستمر، توفر شركة Triple A للاستشارات، التي تُعد أحد كيانات مجموعة عتاق، حلولًا استشارية شاملة تساعد المؤسسات على تحقيق التحول المطلوب. تأسست Triple A في عام 2022 بهدف تقديم استشارات متخصصة في الإدارة الرشيقة، تحسين الأداء، وتطوير نموذج الأعمال. تتخصص الشركة في تقديم حلول تلبي احتياجات العملاء، بما في ذلك:
- تحليل وتطوير نموذج العمل.
- التخطيط والتطوير الاستراتيجي.
- الخدمات والاستشارات المالية.
- التطوير والتحسين التنظيمي.
- إدارة المشاريع وتصميمها.
- التميز المؤسسي والحوكمة.
ما يميز Triple A هو قدرتها على تطبيق هذه الاستراتيجيات بنجاح داخل بيئات العمل المختلفة، مما يضمن تحقيق أفضل النتائج في أسرع وقت ممكن.


